عرض لكتاب: جوانيات الرموز المستعارة لكبار "أولاد حارتنا"
صفحة 1 من اصل 1
عرض لكتاب: جوانيات الرموز المستعارة لكبار "أولاد حارتنا"
جوانيات الرموز المستعارة لكبار "أولاد حارتنا"
أو: نقض التاريخ الديني النبوي
تأليف: د/ عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني
القاهرة، مكتبة وهبة، ط:1، 1416هـ، 236 ص.
عرض وتحليل
محمد حسن يوسف
يعتبر كتاب جوانيات الرموز المستعارة لكبار " أولاد حارتنا " للدكتور/ عبد العظيم المطعني من أهم الكتب التي تصدت لتفنيد هذه الرواية سيئة السمعة لدى المسلمين، والتي كانت السبب الرئيسي في فوز الكاتب نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب كأول كاتب عربي يفوز بمثل هذه الجائزة. وكانت جريدة الأهرام القاهرية قد بدأت في نشر هذه الرواية على حلقات في عام 1959. ثم ظهرت القصة في كتاب عام 1962 عن دار الآداب ببيروت، وما زالت تطبع هناك حتى الآن.
وإذا كان الدكتور المطعني يقول: الأستاذ نجيب محفوظ، مهما اختلفنا معه حول هذه الرواية، كاتب قدير بحق، ومن أبرز خصائصه الأسلوبية إجادة فن " الرمز "، وروايته هذه " أولاد حارتنا " شهادة بأستاذيته ومهارته في الأدب الرمزي الحديث. إذا كان الدكتور المطعني يقول ذلك، فإننا نجزم بأستاذيته هو في فهم " جوانيات " رموز الرواية المذكورة فهما دقيقا وعميقا، ونشهد له بحرفيته في هذا الشأن.
ويرى الدكتور المطعني أنه لفهم المعاني الخبيثة في الرواية، وكذلك المقصود العام منها، فإن ذلك الفهم يتوقف على العناصر الثلاثة الآتية:
أولا: العلم بمادة الموضوع الذي صاغ روايته حوله.
ثانيا: فك الرموز التي شاعت في الرواية، ومعرفة مدلولاتها خارج الرواية.
ثالثا: التمكن من معرفة مواضع الفر بعد الكر، أو الإحجام بعد الإقدام، للتمويه على القارئ، وإثارة موجات من الضباب المعتم أمام ناظريه.
ويرى الدكتور المطعني أن الهدف من وضع أولاد حارتنا هو – باختصار شديد – تفشيل دور الدين بوجه عام في حلول مشكلات الحياة، وتحقيق السعادة للناس فيها. وبعد وقوع ذلك التفشيل، من خلال ما ورد في الرواية، يأذن الأستاذ " محفوظ " للعلم الحديث أن يطل برأسه إلى الوجود، ثم ينمو شيئا فشيئا حتى يصبح عملاقا لا يقاوم، وقادرا لا يعجز، ثم يتمكن من القضاء على الدين متمثلا في قتل أو موت الجبلاوي. ويهز مشاعر أولاد الحارة بمخترعاته المذهلة، فينحاز الناس أو أولاد الحارة إلى عرفة وحنش، اللذان يمثلان العلم الحديث، ويفضلونه على الدين عيانا جهارا، وينخلعون عن الإطار الديني النبوي في وضح النهار؟!
وبداية يقول الدكتور المطعني بأن أخطر رمز في رواية أولاد حارتنا هو رمز " الجبلاوي "، حيث رمز به المؤلف – سامحه الله – إلى معاني الألوهية، أي الله.
ويستطرد بالقول: أما أولئك الزاعمون بأن الجبلاوي في أولاد حارتنا ليس المقصود منه الله، فلا يخلو حالهم من الاحتمالات الآتية:
o إما أنهم لم يقرأوا الرواية، فراحوا يشهدون بما لا علم لهم به.
o وإما أنهم قرأوا ولم يفهموا.
o وإما أنهم قرأوا وفهموا، ثم عاندوا وكابروا، وراحوا يشهدون شهادة زور، ويصرون على الحنث العظيم، ويحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم .
وبعد استعراض شيق ومتابعة دقيقة وتوضيح فاضح لكل الرموز التي استخدمها الكاتب لتغطية الرموز التي استعارها في روايته، يخلص الدكتور المطعني في خاتمة كتابه ( 206 – 229 ) إلى تقرير موجز عن الرواية يلم فيها شعث ما تقدم من إثباتات وأدلة، ثم اقتراح رفعه إلى مؤلف الرواية من باب التواصي بالحق يطالبه فيه بالتوبة إلى الله مما كتبت يداه.
وفي التقرير الذي كتبه الدكتور المطعني عن الرواية، يقول: إن موضوع هذه الرواية " أولاد حارتنا " يتكون من قسمين اثنين: الأول، ويبدأ من " افتتاحية أو مقدمة الرواية، ويستمر حتى الفصل الرابع، أو هو تفصيلا: المقدمة، وأدهم ( أي آدم عليه السلام )، وجبل ( أي موسى عليه السلام )، ورفاعة ( أي عيسى عليه السلام )، وقاسم ( أي محمد صلى الله عليه وسلم ). أما القسم الثاني فهو مكون من فصل واحد، هو عرفة، وقد جعله المؤلف رمزا للعلم الحديث.
وسجل الدكتور المطعني عدة ملاحظات على القسم الأول، منها ما يلي:
أولا: تحريف الوقائع:
وسبب هذا التحريف أمران: الأول: حرص المؤلف على الاستفادة من وقائع التاريخ النبوي الديني في " رسم شخصيات الرواية "، وهذا أمر ظاهر جدا في القسم الأول من الرواية. والثاني: حرص المؤلف الشديد على إخفاء جوانياته، وعدم ظهورها للقراء، لأن الرواية أخضعت التاريخ الديني النبوي – وهو مقدس – للنقد والنقض معا، وهذا أمر – لو ظهر – لقابله الناس بالاستنكار والاستياء، بل وبالغضب والسخط.
ثانيا: الإساءة إلى الذات العليا:
لم توجه رواية أولاد حارتنا كما هائلا من الإساءة مثلما وجهت إلى الجبلاوي رمز الألوهية ( الله )، وجاءت هذه الإساءة على لساني كل من إدريس الذي هو إبليس في الرواية، ثم قدري الذي قابيل أحد ابني آدم، وقاتل هابيل أخيه، وهو همام في الرواية.
ثالثا: الإساءة إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم:
جاء حديث الرواية عن محمد صلى الله عليه وسلم مليئا بالإساءة والتجريح إلى حد الافتراء في بعض الأحيان. ولم تراعٍ الرواية حرمة خاتم النبيين الذي وصفه رب العالمين بأنه سراج منير، وعلى خلق عظيم، ورحمة للناس كافة.
رابعا: الحط من قدر العرب والمسلمين:
عندما تحدثت الرواية عن العرب قبل الإسلام، ثم عن المسلمين بعد الإسلام، رمتهم بكل نقيصة، فهم أتعس أولاد الحارة – أي الدنيا – وهم الجرابيع الحفاة العراة الذين لا أصل لهم ولا صفة – أي كريمة – وحياتهم لا تعلو كثيرا عن حياة الكلاب والقطط والذباب؟! يلتمسون رزقهم في النفايات وأكوام القمامة؟!
وكان الدكتور المطعني قد تساءل من قبل عن معنى الجربوع، فقال: ليس لهذه الكلمة أصل في اللغة إلا أن تكون محرفة من اليربوع، وهو حيوان بري غير أليف يتخذ له بيتا ( حفرة ) في الأرض لها بابان، فإذا أحس بوجود الصياد دخل بيته من باب وخرج من الباب الآخر، لينخدع الصياد بأنه ما يزال موجودا في بيته، بينما هو قد خرج ناجيا بنفسه، ومنه اشتق وصف المخادع من الناس " المنافق "، لأن بيت اليربوع محفور على شكل نفق تحت الأرض، ويسمى بيته: " نافقاء اليربوع ".
أما الدلالة العرفية أو العامية لكلمة " الجربوع "، فتعني معانٍ كثيرة في عرف العامة، أو العوام، وكلها تدور حول الذم والقدح وانحطاط الشأن، فهي " قاموس " السب والشتم.
فيا ترى ماذا أراد الأستاذ نجيب محفوظ من وصف العرب قبل الإسلام، والمسلمين بعد الإسلام بأنهم الجرابيع؟ هل أراد أن ينسبهم إلى اليربوع الماكر الخدّاع؟ أم أراد أن يصفهم بالمعاني السوقية المبتذلة التي تراد في عرف العوام من كلمة جربوع أو جرابيع؟
أو: نقض التاريخ الديني النبوي
تأليف: د/ عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني
القاهرة، مكتبة وهبة، ط:1، 1416هـ، 236 ص.
عرض وتحليل
محمد حسن يوسف
يعتبر كتاب جوانيات الرموز المستعارة لكبار " أولاد حارتنا " للدكتور/ عبد العظيم المطعني من أهم الكتب التي تصدت لتفنيد هذه الرواية سيئة السمعة لدى المسلمين، والتي كانت السبب الرئيسي في فوز الكاتب نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب كأول كاتب عربي يفوز بمثل هذه الجائزة. وكانت جريدة الأهرام القاهرية قد بدأت في نشر هذه الرواية على حلقات في عام 1959. ثم ظهرت القصة في كتاب عام 1962 عن دار الآداب ببيروت، وما زالت تطبع هناك حتى الآن.
وإذا كان الدكتور المطعني يقول: الأستاذ نجيب محفوظ، مهما اختلفنا معه حول هذه الرواية، كاتب قدير بحق، ومن أبرز خصائصه الأسلوبية إجادة فن " الرمز "، وروايته هذه " أولاد حارتنا " شهادة بأستاذيته ومهارته في الأدب الرمزي الحديث. إذا كان الدكتور المطعني يقول ذلك، فإننا نجزم بأستاذيته هو في فهم " جوانيات " رموز الرواية المذكورة فهما دقيقا وعميقا، ونشهد له بحرفيته في هذا الشأن.
ويرى الدكتور المطعني أنه لفهم المعاني الخبيثة في الرواية، وكذلك المقصود العام منها، فإن ذلك الفهم يتوقف على العناصر الثلاثة الآتية:
أولا: العلم بمادة الموضوع الذي صاغ روايته حوله.
ثانيا: فك الرموز التي شاعت في الرواية، ومعرفة مدلولاتها خارج الرواية.
ثالثا: التمكن من معرفة مواضع الفر بعد الكر، أو الإحجام بعد الإقدام، للتمويه على القارئ، وإثارة موجات من الضباب المعتم أمام ناظريه.
ويرى الدكتور المطعني أن الهدف من وضع أولاد حارتنا هو – باختصار شديد – تفشيل دور الدين بوجه عام في حلول مشكلات الحياة، وتحقيق السعادة للناس فيها. وبعد وقوع ذلك التفشيل، من خلال ما ورد في الرواية، يأذن الأستاذ " محفوظ " للعلم الحديث أن يطل برأسه إلى الوجود، ثم ينمو شيئا فشيئا حتى يصبح عملاقا لا يقاوم، وقادرا لا يعجز، ثم يتمكن من القضاء على الدين متمثلا في قتل أو موت الجبلاوي. ويهز مشاعر أولاد الحارة بمخترعاته المذهلة، فينحاز الناس أو أولاد الحارة إلى عرفة وحنش، اللذان يمثلان العلم الحديث، ويفضلونه على الدين عيانا جهارا، وينخلعون عن الإطار الديني النبوي في وضح النهار؟!
وبداية يقول الدكتور المطعني بأن أخطر رمز في رواية أولاد حارتنا هو رمز " الجبلاوي "، حيث رمز به المؤلف – سامحه الله – إلى معاني الألوهية، أي الله.
ويستطرد بالقول: أما أولئك الزاعمون بأن الجبلاوي في أولاد حارتنا ليس المقصود منه الله، فلا يخلو حالهم من الاحتمالات الآتية:
o إما أنهم لم يقرأوا الرواية، فراحوا يشهدون بما لا علم لهم به.
o وإما أنهم قرأوا ولم يفهموا.
o وإما أنهم قرأوا وفهموا، ثم عاندوا وكابروا، وراحوا يشهدون شهادة زور، ويصرون على الحنث العظيم، ويحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم .
وبعد استعراض شيق ومتابعة دقيقة وتوضيح فاضح لكل الرموز التي استخدمها الكاتب لتغطية الرموز التي استعارها في روايته، يخلص الدكتور المطعني في خاتمة كتابه ( 206 – 229 ) إلى تقرير موجز عن الرواية يلم فيها شعث ما تقدم من إثباتات وأدلة، ثم اقتراح رفعه إلى مؤلف الرواية من باب التواصي بالحق يطالبه فيه بالتوبة إلى الله مما كتبت يداه.
وفي التقرير الذي كتبه الدكتور المطعني عن الرواية، يقول: إن موضوع هذه الرواية " أولاد حارتنا " يتكون من قسمين اثنين: الأول، ويبدأ من " افتتاحية أو مقدمة الرواية، ويستمر حتى الفصل الرابع، أو هو تفصيلا: المقدمة، وأدهم ( أي آدم عليه السلام )، وجبل ( أي موسى عليه السلام )، ورفاعة ( أي عيسى عليه السلام )، وقاسم ( أي محمد صلى الله عليه وسلم ). أما القسم الثاني فهو مكون من فصل واحد، هو عرفة، وقد جعله المؤلف رمزا للعلم الحديث.
وسجل الدكتور المطعني عدة ملاحظات على القسم الأول، منها ما يلي:
أولا: تحريف الوقائع:
وسبب هذا التحريف أمران: الأول: حرص المؤلف على الاستفادة من وقائع التاريخ النبوي الديني في " رسم شخصيات الرواية "، وهذا أمر ظاهر جدا في القسم الأول من الرواية. والثاني: حرص المؤلف الشديد على إخفاء جوانياته، وعدم ظهورها للقراء، لأن الرواية أخضعت التاريخ الديني النبوي – وهو مقدس – للنقد والنقض معا، وهذا أمر – لو ظهر – لقابله الناس بالاستنكار والاستياء، بل وبالغضب والسخط.
ثانيا: الإساءة إلى الذات العليا:
لم توجه رواية أولاد حارتنا كما هائلا من الإساءة مثلما وجهت إلى الجبلاوي رمز الألوهية ( الله )، وجاءت هذه الإساءة على لساني كل من إدريس الذي هو إبليس في الرواية، ثم قدري الذي قابيل أحد ابني آدم، وقاتل هابيل أخيه، وهو همام في الرواية.
ثالثا: الإساءة إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم:
جاء حديث الرواية عن محمد صلى الله عليه وسلم مليئا بالإساءة والتجريح إلى حد الافتراء في بعض الأحيان. ولم تراعٍ الرواية حرمة خاتم النبيين الذي وصفه رب العالمين بأنه سراج منير، وعلى خلق عظيم، ورحمة للناس كافة.
رابعا: الحط من قدر العرب والمسلمين:
عندما تحدثت الرواية عن العرب قبل الإسلام، ثم عن المسلمين بعد الإسلام، رمتهم بكل نقيصة، فهم أتعس أولاد الحارة – أي الدنيا – وهم الجرابيع الحفاة العراة الذين لا أصل لهم ولا صفة – أي كريمة – وحياتهم لا تعلو كثيرا عن حياة الكلاب والقطط والذباب؟! يلتمسون رزقهم في النفايات وأكوام القمامة؟!
وكان الدكتور المطعني قد تساءل من قبل عن معنى الجربوع، فقال: ليس لهذه الكلمة أصل في اللغة إلا أن تكون محرفة من اليربوع، وهو حيوان بري غير أليف يتخذ له بيتا ( حفرة ) في الأرض لها بابان، فإذا أحس بوجود الصياد دخل بيته من باب وخرج من الباب الآخر، لينخدع الصياد بأنه ما يزال موجودا في بيته، بينما هو قد خرج ناجيا بنفسه، ومنه اشتق وصف المخادع من الناس " المنافق "، لأن بيت اليربوع محفور على شكل نفق تحت الأرض، ويسمى بيته: " نافقاء اليربوع ".
أما الدلالة العرفية أو العامية لكلمة " الجربوع "، فتعني معانٍ كثيرة في عرف العامة، أو العوام، وكلها تدور حول الذم والقدح وانحطاط الشأن، فهي " قاموس " السب والشتم.
فيا ترى ماذا أراد الأستاذ نجيب محفوظ من وصف العرب قبل الإسلام، والمسلمين بعد الإسلام بأنهم الجرابيع؟ هل أراد أن ينسبهم إلى اليربوع الماكر الخدّاع؟ أم أراد أن يصفهم بالمعاني السوقية المبتذلة التي تراد في عرف العوام من كلمة جربوع أو جرابيع؟
عدل سابقا من قبل صدى القلوب في الأحد مارس 29, 2009 12:26 am عدل 1 مرات
رد: عرض لكتاب: جوانيات الرموز المستعارة لكبار "أولاد حارتنا"
خامسا: مناصرة غير الإسلام على الإسلام:
ومن الملاحظات البارزة على الرواية، أنها – دائما – تناصر غير الإسلام على الإسلام نفسه، حتى في العقائد الثوابت في الإسلام.
سادسا: تجريد التاريخ النبوي من محتواه:
حرص المؤلف – كل الحرص – على تجريد التاريخ الديني النبوي من محتواه، وتفريغه تماما من " الإيمانيات والروحانيات "، وتصويره في صورة صراع مادي صرف يبدأ وينتهي حول حطام الدنيا وملذاتها الفانية؟! ومؤدى هذا أن الرواية تجاري العلمانية في تفسيرها المادي للتاريخ.
سابعا: التعاطف مع الشيطان:
جارت الرواية " أولاد حارتنا " بعض الكتّاب الأوربيين والعرب في التعاطف مع الشيطان الذي طرده الله من الجنة بسبب عصيانه وكفره، ونظروا إلى هذه الواقعة على أنها من وقائع " حرية الرأي "، وأن الشيطان عوقب – ظلما – على رأي أبداه، وعقيدة اعتقدها، حملته على عدم السجود لآدم؟
ثامنا: ربط منابع النور بمواضع الخطيئة:
ربط مؤلف الرواية الأستاذ نجيب محفوظ بين منابع النور وهي الرسالات السماوية الثلاث، وبين موضع " صخرة هند "، وهو موضع أول جريمة " زنا " تقع في الوجود حسب " جو " رواية " أولاد حارتنا " الأوسع من الخيال والأوهام؟!
تاسعا: الاختيار والترك:
يقف المؤلف من وقائع التاريخ الديني النبوي وتطوراته موقفا معينا يقوم على سمتين بارزتين: إحداهما: الأخذ، والأخرى: الترك. أي يأخذ بعض وقائع ذلك التاريخ، ويترك بعضا آخر في رسم صور " الأشخاص " الأربعة، الذين تحدث عنهم، وهم: آدم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
عاشرا: نباهة عرفة وصاحبيه:
إن عرفة وحنش وعواطف – الذين يرمزون للعلم الحديث - هم " الوحيدون " في الرواية الذين رفعهم المؤلف " مكانا عليا "، وصانهم من كل ألوان النقص والهمز واللمز أو التجريح، وهذا يلائم الجو العام لـ ... وجدانيات المؤلف، و" جوانياته "؟!
أما القسم الثاني، فهو يتكلم فيه عن عرفة أو العلم الحديث. وهذا القسم معقود أساسا لعمليتي هدم وبناء، أو إعدام وإحياء. وكانت نية " أولاد حارتنا " مُبيّتة على هذا من قبل أن " يُخطّ " حرف واحد فيها، فالنية – عادة وواقعا – تسبق العمل دائما، وتكون " هي " الباعث على العمل، والداعية إليه: الهدم أو الإعدام لـ " الدين " الذي جاء به الرسل وحيا يوحى من عند ربهم؟! والإحياء لـ " العلم الحديث " ممثلا فيما يدرك بالحواس الخمس، وتُجرى عليه التجارب والملاحظات والمشاهدات، ثم تستخرج قوانينه الكلية، وقواعده الجزئية المستوحاة من المادة المدروسة، وكان كل شيء في الرواية يخدم هذا الاتجاه، ويمهد له من وراء ستار.
ولكن هناك تساؤل هام في هذا السياق، ونحن نذكر العداء المحتدم الذي تصوره المؤلف بين الدين والعلم – هل يوجد مثل هذا العداء حقا؟! إن الذين يتصورون عداء ما بين الدين والعلم جد واهمون، وتصور هذا العداء ناشئ عن جهل لحقيقة العلم ووظيفته، أو ناشئ عن الجهل بالدين وحكمته، أو الأمرين معا.
والخلاصة:
إن هذه الرواية تترجم في وضوح: أن كاتبها ساعة كتبها كان زاهدا في " الدين " كل الزهد، معرضا عنه كل الإعراض، ضائقا به صدره، أعجميا به لسانه، فراح يشفي نفسه الثائرة، ويعبر عن آرائه في وحي الله الأمين، بهذه الأساليب الرمزية الماكرة، والحيل التعبيرية الغادرة، رافعا من شأن العلم الحديث إلى مكان الثريا، واثقا فيه كل الثقة، حتى أجلسه على " عرش الديان " مناصرا للعلمانية الجاهلة، على دين الله القيم، ورسالاته السامية.
فالرواية – وهذا واقعها – رواية آثمة " مُجَرّمَة " بكل المقاييس وطنيا وقوميا ودينيا.
والتماس البراءة لها: مستحيل، مستحيل، مستحيل.
اللهم إلا إذا طمسنا قلوبنا، وأعمينا أبصارنا، وسددنا سمعنا، ثم هتفنا مع أولاد حارة الأستاذ نجيب محفوظ، وقلنا كما قالوا: " لا شأن لنا بالماضي، ولا أمل لنا إلا في سحر عرفة، ولو خُيّرنا بين " الجبلاوي " ( الله ) والسحر، لاخترنا السحر "؟! [ أولاد حارتنا، ص: 551 ].
وهيهات هيهات لما يتصورون؟
وقبل أن يختتم الدكتور المطعني كتابه، توجه باقتراح مرفوع إلى المؤلف، يطلب منه أن يعلن للعالم كله " تبرؤه " من هذه الرواية الآثمة المُجَرّمة بكل المقاييس، لأن في بقائها منسوبة إليه تبعة تنوء بحملها الجبال؟! ونحن نتمنى أن يكون المؤلف قد فعل ذلك، ولو بينه وبين ربه.
إننا لا نقف هذا الموقف من الرواية أو من الأستاذ نجيب محفوظ إلا لأنه تطاول على الخالق سبحانه، وعلى الدين الذي أرسله الله لهداية البشر، وعلى رسله الكرام. ولو لم يفعل الأستاذ محفوظ هذا، لكنا أول من يهنئه بفنه ويشكره على ما كتبت يداه. ولكن – وكما يقول الدكتور المطعني – لم يكن " الفن " يوما، ولن يكون أبدا مبيحا لانتهاك الحرمات وإهانة المقدسات، والتطاول على القيم العليا، وإن ادعى ذلك الجاهلون الحمقى من دعاة الحداثة، وأعلاج الشيوعية، وببغاوات العلمانية في مصر والعالم العربي.
ومن الملاحظات البارزة على الرواية، أنها – دائما – تناصر غير الإسلام على الإسلام نفسه، حتى في العقائد الثوابت في الإسلام.
سادسا: تجريد التاريخ النبوي من محتواه:
حرص المؤلف – كل الحرص – على تجريد التاريخ الديني النبوي من محتواه، وتفريغه تماما من " الإيمانيات والروحانيات "، وتصويره في صورة صراع مادي صرف يبدأ وينتهي حول حطام الدنيا وملذاتها الفانية؟! ومؤدى هذا أن الرواية تجاري العلمانية في تفسيرها المادي للتاريخ.
سابعا: التعاطف مع الشيطان:
جارت الرواية " أولاد حارتنا " بعض الكتّاب الأوربيين والعرب في التعاطف مع الشيطان الذي طرده الله من الجنة بسبب عصيانه وكفره، ونظروا إلى هذه الواقعة على أنها من وقائع " حرية الرأي "، وأن الشيطان عوقب – ظلما – على رأي أبداه، وعقيدة اعتقدها، حملته على عدم السجود لآدم؟
ثامنا: ربط منابع النور بمواضع الخطيئة:
ربط مؤلف الرواية الأستاذ نجيب محفوظ بين منابع النور وهي الرسالات السماوية الثلاث، وبين موضع " صخرة هند "، وهو موضع أول جريمة " زنا " تقع في الوجود حسب " جو " رواية " أولاد حارتنا " الأوسع من الخيال والأوهام؟!
تاسعا: الاختيار والترك:
يقف المؤلف من وقائع التاريخ الديني النبوي وتطوراته موقفا معينا يقوم على سمتين بارزتين: إحداهما: الأخذ، والأخرى: الترك. أي يأخذ بعض وقائع ذلك التاريخ، ويترك بعضا آخر في رسم صور " الأشخاص " الأربعة، الذين تحدث عنهم، وهم: آدم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
عاشرا: نباهة عرفة وصاحبيه:
إن عرفة وحنش وعواطف – الذين يرمزون للعلم الحديث - هم " الوحيدون " في الرواية الذين رفعهم المؤلف " مكانا عليا "، وصانهم من كل ألوان النقص والهمز واللمز أو التجريح، وهذا يلائم الجو العام لـ ... وجدانيات المؤلف، و" جوانياته "؟!
أما القسم الثاني، فهو يتكلم فيه عن عرفة أو العلم الحديث. وهذا القسم معقود أساسا لعمليتي هدم وبناء، أو إعدام وإحياء. وكانت نية " أولاد حارتنا " مُبيّتة على هذا من قبل أن " يُخطّ " حرف واحد فيها، فالنية – عادة وواقعا – تسبق العمل دائما، وتكون " هي " الباعث على العمل، والداعية إليه: الهدم أو الإعدام لـ " الدين " الذي جاء به الرسل وحيا يوحى من عند ربهم؟! والإحياء لـ " العلم الحديث " ممثلا فيما يدرك بالحواس الخمس، وتُجرى عليه التجارب والملاحظات والمشاهدات، ثم تستخرج قوانينه الكلية، وقواعده الجزئية المستوحاة من المادة المدروسة، وكان كل شيء في الرواية يخدم هذا الاتجاه، ويمهد له من وراء ستار.
ولكن هناك تساؤل هام في هذا السياق، ونحن نذكر العداء المحتدم الذي تصوره المؤلف بين الدين والعلم – هل يوجد مثل هذا العداء حقا؟! إن الذين يتصورون عداء ما بين الدين والعلم جد واهمون، وتصور هذا العداء ناشئ عن جهل لحقيقة العلم ووظيفته، أو ناشئ عن الجهل بالدين وحكمته، أو الأمرين معا.
والخلاصة:
إن هذه الرواية تترجم في وضوح: أن كاتبها ساعة كتبها كان زاهدا في " الدين " كل الزهد، معرضا عنه كل الإعراض، ضائقا به صدره، أعجميا به لسانه، فراح يشفي نفسه الثائرة، ويعبر عن آرائه في وحي الله الأمين، بهذه الأساليب الرمزية الماكرة، والحيل التعبيرية الغادرة، رافعا من شأن العلم الحديث إلى مكان الثريا، واثقا فيه كل الثقة، حتى أجلسه على " عرش الديان " مناصرا للعلمانية الجاهلة، على دين الله القيم، ورسالاته السامية.
فالرواية – وهذا واقعها – رواية آثمة " مُجَرّمَة " بكل المقاييس وطنيا وقوميا ودينيا.
والتماس البراءة لها: مستحيل، مستحيل، مستحيل.
اللهم إلا إذا طمسنا قلوبنا، وأعمينا أبصارنا، وسددنا سمعنا، ثم هتفنا مع أولاد حارة الأستاذ نجيب محفوظ، وقلنا كما قالوا: " لا شأن لنا بالماضي، ولا أمل لنا إلا في سحر عرفة، ولو خُيّرنا بين " الجبلاوي " ( الله ) والسحر، لاخترنا السحر "؟! [ أولاد حارتنا، ص: 551 ].
وهيهات هيهات لما يتصورون؟
وقبل أن يختتم الدكتور المطعني كتابه، توجه باقتراح مرفوع إلى المؤلف، يطلب منه أن يعلن للعالم كله " تبرؤه " من هذه الرواية الآثمة المُجَرّمة بكل المقاييس، لأن في بقائها منسوبة إليه تبعة تنوء بحملها الجبال؟! ونحن نتمنى أن يكون المؤلف قد فعل ذلك، ولو بينه وبين ربه.
إننا لا نقف هذا الموقف من الرواية أو من الأستاذ نجيب محفوظ إلا لأنه تطاول على الخالق سبحانه، وعلى الدين الذي أرسله الله لهداية البشر، وعلى رسله الكرام. ولو لم يفعل الأستاذ محفوظ هذا، لكنا أول من يهنئه بفنه ويشكره على ما كتبت يداه. ولكن – وكما يقول الدكتور المطعني – لم يكن " الفن " يوما، ولن يكون أبدا مبيحا لانتهاك الحرمات وإهانة المقدسات، والتطاول على القيم العليا، وإن ادعى ذلك الجاهلون الحمقى من دعاة الحداثة، وأعلاج الشيوعية، وببغاوات العلمانية في مصر والعالم العربي.
مواضيع مماثلة
» عرض لكتاب "قصة نجاح جوجل"
» "::"..اصنع كروت المناسبات والبطاقات بيديك وباحتراف.."::"
» عرض لكتاب: أفكار صغيرة... لحياة كبيرة
» ليكن قلبك صدفة في بحر... لا تحمل سوى لؤلؤة واحدة, هي "حب الله"
» التغيرات المناخية سبب لانتشار "دستة مميتة" من الأمراض
» "::"..اصنع كروت المناسبات والبطاقات بيديك وباحتراف.."::"
» عرض لكتاب: أفكار صغيرة... لحياة كبيرة
» ليكن قلبك صدفة في بحر... لا تحمل سوى لؤلؤة واحدة, هي "حب الله"
» التغيرات المناخية سبب لانتشار "دستة مميتة" من الأمراض
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى